أحدث_الأخبار

العراق… هل تنعم “البوبالي” بالأمان بعد تحريرها من “داعش”؟

تعيش منطقة “البوبالي” في جزيرة الخالدية، بمحافظة الأنبار، غربي العراق، واقعا أمنيا واقتصاديا قاسيا، منذ الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003.

وطالما وقعت “البوبالي”، ضحية للعمليات العسكرية التي خاضتها القوات الأمريكية، والأجهزة الأمنية العراقية، والجماعات المسلحة أيضا، كونها تعتبر موقعا استراتيجيا مهما لقربها من قاعدة “الحبانية” العسكرية، ووقوعها بين أهم مدن الأنبار (الرمادي، والفلوجة، والخالدية)، وإشرافها على الطريق الرابط بين العراق، وسوريا والسعودية والأردن.

ويأمل سكان تلك المنطقة، بعد تحريرها من سيطرة تنظيم “داعش”، منتصف أغسطس/ آب الحالي، أن يعيشوا استقرارا أمنيا واقتصاديا حقيقيا، بعد معاناتهم المتواصلة منذ العام 2003.

وقال شيخ عشيرة “البوبالي”، عبد الوهاب السرحان، إنه “بعد احتلال أمريكا للعراق عام 2003، كانت تُنفذ العديد من العمليات العسكرية ضد القوات الأمريكية في البوبالي، ما أدى إلى خلق حالة من الاضطرابات وعدم الاستقرار الأمني في المنطقة، ما أثر سلبا على الحياة الاجتماعية والاقتصادية لسكانها”.

وأضاف السرحان لـ”الأناضول”: “استغلت الجماعات المسلحة العاطلين عن العمل الذين كانوا بأعداد كبيرة في البوبالي، خلال فترة الاحتلال الأمريكي، الأمر الذي زاد من قسوة الظروف الأمنية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة”.

وأشار أنه في بداية العام 2004 سيطر تنظيم “القاعدة” على “البوبالي”، الأمر الذي أضاف صعوبة أخرى على أبناء المنطقة الذين وقعوا بين سندان القوات الأمريكية والعراقية ومطرقة “القاعدة”.

وتابغ شيخ عشيرة البوبالي “ذهب ضحية تنظيم القاعدة من أبناء عشيرتي 150 قتيلا، ونتيجة لذلك هب أبناء العشيرة وشكلوا صحوات (قوات عشائرية سنية موالية للحكومة العراقية شكلت عام 2005)، يقدر عددها بأكثر من 450 شخصا، لقتال القاعدة”.

وبعد تحرير “البوبالي” من “القاعدة” على يد القوات العراقية والعشائرية في العام 2007،استقر الوضع الأمني فيها خاصة بعد إنشاء مركز شرطة بالمنطقة.

إلا أن الاستقرار لم يكن كليا، فتنظيم “القاعدة” كان يشن هجمات وينفذ عمليات في المنطقة بين الحين والآخر، رغم إعلان القوات العراقية القضاء عليه تماما، بحسب شيخ عشيرة البوبالي.

واستمر الوضع على ما هو عليه حتى العام 2014، ليعلن تنظيم “داعش” في بداية العام سيطرته على مدينة “الفلوجة” ويبدأ التوسع بالمناطق المحيطة بها ليصل إلى منطقة “البوبالي” في نهاية السنة ذاتها.

وفي 10 يونيو/ حزيران 2014، سيطر “داعش” على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى (شمال)، قبل أن يوسع سيطرته على مساحات واسعة في شمالي وغربي وشرقي العراق، وكذلك شمالي وشرقي سوريا، وأعلن في نفس الشهر، قيام ما أسماها “دولة الخلافة”.

وحول ذلك يقول السرحان، “في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2014، بدأت أول معركة بين (داعش) وعشيرة البوبالي، استمرت ثلاثة أيام قبل أن يتمكن التنظيم من السيطرة على المنطقة، بسبب عدم مساندتنا من قوات الجيش أو الشرطة”، مشيرا أن العشيرة خسرت 38 قتيلا خلال المعارك مع التنظيم المتطرف.

ومنتصف أغسطس/ آب الجاري استعادت القوات العراقية بمساندة مقاتلي العشائر، منطقة البوبالي من سيطرة “داعش”، لينتهي فصل آخر من معاناة المنطقة.

ويؤكد شيخ عشيرة البوبالي أن عشيرته لن تقبل أن يتحمل مسؤولية المنطقة سوها، داعيا الحكومة المركزية العراقية، والحكومة المحلية في محافظة الأنبار، إلى دعم العشيرة بكافة الاحتياجات اللازمة حتى يستقر الوضع الأمني في المنطقة، وبالتالي تتحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية فيها.

من جانبه، يقول قائد عمليات الأنبار بالجيش العراقي، اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، إن “منطقة البوبالي من أهم المناطق في شرق الرمادي التي تكونت فيها الخلايا الإرهابية وأبرزهم تنظيمي القاعدة في عام 2004، وداعش في 2014”.

ويضيف أن “البوبالي ستنعم بالآمان بعد انتهاء تنظيم القاعدة سابقا وداعش اليوم، كون قطعات الجيش العراقي والقوات الأمنية المساندة لها تحكم سيطرتها على المنطقة بشكل محكم”. ويشدد المحلاوي في تصريحه لمراسل “الأناضول” على أن القوات العراقية لن تسمح للإرهابيين بالعودة إلى تفعيل نشاطاتهم الإرهابية في المنطقة.في المقابل، يشير رئيس مجلس محافظة الأنبار، صباح كرحوت، أن “هناك تخوفات من تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي لسكان بعض المناطق في الأنبار ومنها البوبالي في جزيرة الخالدية، نتيجة العمليات العسكرية والإرهابية وعدم وجود فرص العمل وانتشار البطالة وقلة الاهتمام الحكومي بهم وانهيار البنى التحتية”.

وذكر كرحوت لـ”الأناضول” أن ضعف دعم الأجهزة الأمنية، تسببت بظهور تنظيمي “القاعدة”، و”داعش” في مناطق الأنبار ومنها “البوبالي”.

ويتخوف المسؤول بالأنبار، من استغلال الجماعات المسلحة للظروف الاقتصادية القاسية في المنطقة، لاستقطاب أكبر عدد من الشباب العاطلين عن العمل.

ودعا الحكومة المركزية في بغداد إلى وضع خطة عمل عاجلة لإعادة النازحين إلى “البوبالي”، وتأهيل البنى التحتية والخدمات وتعويض المتضررين من العمليات العسكرية والإرهابية، إضافة إلى تحسين الوضع المعيشي من خلال استثمار المنطقة وتوفير فرص عمل فيها من خلال استغلال موقعها الاستراتيجي.

وكانت صحراء “الأنبار” أولى المناطق التي أوجد فيها تنظيم “داعش” موطئ قدم له قبل شن هجوم على الفلوجة، كبرى مدن المحافظة، والسيطرة عليها مطلع عام 2014.

ومنذ أشهر، تشن القوات العراقية هجمات ضد مسلحي “داعش”، في محافظة الأنبار، التي تمتلك حدودًا مع كل من سوريا والأردن والسعودية، ونجحت تلك القوات في استعادة مناطق شاسعة من المحافظة، بينها مدينة الرمادي مركز المحافظة، وجزيرة الخالدية، والفلوجة كبرى مدن المحافظة، غرب العاصمة العراقية بغداد. –

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *