أحدث_الأخبار

المشاريع الصغيرة بين النظرية والتطبيق

4 يوليو , 2016 - 11:59 ص

مقالات

بقلم الكاتب والمهندس الاستشاري تغلب عبد الكريم الالوسي
في المقابلة الاعلامية على احدى القنوات الفضائية يوم الاثنين 4/7/2016 مع السيد وزير المالية هوشير زيباري , وقد اجاب سيادته عن السؤال حول المبلغ المخصص لتمويل الاستثمار في المشاريع الصغيرة والذي بين ان هناك مبلغ خمسة مليارات دولار قد خصصت من قبل البنك المركزي العراقي لهذا الغرض, وقد اشتكى السيد الوزير من ان المبلغ لحد الان لم يصرف شيئا منه ولا يوجد اي تفاعل يذكر من المصارف حتى ان قسم من المصارف كان تفاعلها معدوما مع المبادرة , وقد انحى السيد الوزير باللائمة على الاعلام , الذي لم يكن كافيا لشرح ايجابيات المبادرة , ونود ان نعلق بان الموضوع عليه كثير من الملاحظات لبيان الاسباب , حيث ان الاعلام ليس الجهة الوحيدة التي ممكن ان تروج لمثل هذه المبادرة , ولكن المبادرة نفسها فأسلوب تنفيذها وشروط منحها , والشروط الواجب توفرها في المستفيد منها هي الاسباب الاكثر تأثيرا في نجاحها
واول تلك الملاحظات، نسأل هل الذي وضع اليات تنفيذ هذه المبادرة من الخبرة بمكان لكي يضع هذه الاليات؟ وهل كان قد عمل في هذا المجال سابقا في دول اخرى نجحت في مثل هذا النوع من الاستثمار وهل تم دراسة تلك التجارب واستنباط الآلية المناسبة لإنجاحها؟
ومن تلك الوسائل طريقة التمويل التي لازالت تستثني الطريقة الاسلامية , وتعتبر قانون البنك المركزي للتمويل بالفوائد الربوية شرطا لازما ونصا مقدسا لا يمكن تجاوزه , ضاربين بعرض الحائط كل مشاعر العراقيين التي تشكل اكثريته من المسلمين ومعروف ان الاسلام يحرم التعامل الربوي , او ان من وضعه قصد به استفادة شريحة من الناس الذين يعملون بالفتاوى التي ما انزل الله بها من سلطان , واذا كانت مؤسسات الدولة وهي الخادمة لتطلعات العراقيين وعقيدتهم ومنها البنك المركزي العراقي تأبى ان تحقق هذا الهدف فما هو عملها اذن ؟ وهل كتب علينا نحن المتمسكين بأهداب ديننا الحنيف ان نُطرد من الحياة الاقتصادية، وان لا نستفيد من اي دعم حكومي او نشاط اقتصادي ينمي من قدراتنا المالية، ومساهماتنا في دعم الاقتصاد الوطني؟
وفي ملاحظة اخرى حين وضعت الدولة اسلوبا خاليا من الفوائد الربوية في تمويل المشاريع الزراعية، الم تلاحظ اجهزة الدولة ورغم المعوقات الامنية نجاحا فيها واني لأعرف ان محافظة الانبار التي نكبت بالإرهاب حتى قبل عام 2013 كادت ان تكتفي ذاتيا من محصول الحنطة؟ اليست هذه التجربة حرية بالدراسة وتحديد الاسباب؟
ثم هناك ملاحظة اخرى لماذا لا يسمح للمصارف الاهلية بالمشاركة بالاستثمار مع الشركات المقاولة والصناعية وبموجب احكام الشريعة الاسلامية وخاصة هناك لافتات كبيرة للمصارف الاهلية باسم التنمية والاستثمار؟؟ وهل ان الامر مقصور على الامور الزراعية وان مشكلة البلد الان فقط محصورة في ضعف الانتاج الزراعي؟ ماذا عن الاستثمار في مجال الاسكان وما يتبع متطلبات الاعمار من تصنيع المواد الانشائية ومتطلبات وعدد البناء، وهي قائمة طويلة من الفقرات كفيلة بان تنشط كامل الاقتصاد وتحل مشكلة عويصة عانى منها العراق عقودا طويلة، وتحل مشكلة البطالة والتقاتل على الوظائف الحكومية وتنهي توجه الارتزاق من قبل الشباب بواسطة الارهاب
بعد جهد جهيد من قبل وزير المالية الاسبق استطاع مجلس الوزراء يوما ما ان يقر قانون النافذة الاسلامية، ولا اقول في هذا المجال الا مثلا شائعا (تمخض الثور فولد فارة)، اين التوجه الاسلامي لدى الاحزاب الحاكمة واين الخطوات العملية لهذه التوجهات وإذا كان الغاء الربا ليس هدفا لأسلمة الاقتصاد فما هو مشروع الدولة في نظر هذه الاحزاب؟ وإذا كان نظام الاسلام لا يحل المشكل الاقتصادي ويوفر الخدمة فما هو البديل؟ الا يكفي البنوك الاسلامية الان قد عم خيرها في أكثر من (100) دولة في العالم؟ الم تسمع يوما وزارة المالية والاحزاب الاسلامية التي تدير الدولة اليوم بانه حتى البنوك التي لا تتبع الى دول اسلامية مثل بنك (HSBC) البريطاني فتح قسما فيه باسم (امانه) للتعامل بالطريقة الاسلامية في كل فروعة وحتى في بريطانيا وبكل تعاملاته، ولولا ان تكون العملية مربحة لما تجرا البنك على هذه الخطوة، بل ان في بريطانيا الان نفسها يطلب الشباب الملتزم من المسلمين لتدريبه على التعاملات المالية وفق الشريعة الاسلامية لتوظيفهم فيها؟
وفي النهاية ادعو السيد وزير المالية الى مراجعة اسلوب تمويل الاستثمار في مبادرة الاستثمار في المشاريع الصغيرة وتطويرها وفق احكام الشريعة الاسلامية بالاستفادة من تجربة دولة الامارات العربية المتحدة والدول الاخرى التي نجحت نجاحا باهرا في هذا المجال، وتغيير صيغ التعامل من العقود والشروط بموجب هذه التجربة، واعادة النظر في دور المصارف الاهلية وتغيير اهدافها وفتح قوانينها للمساهمة في عملية الاستثمار بشتى اصنافها وحجمها من اجل اقتصاد مستقبلي واعد للعراق
وادعوا المجامع الفقهية والوقف السني والشيعي والجهات والاحزاب التي تتبنى الاسلام نهجا وعقيدة من اي مذهب كانت ان تقف الموقف الصادق والمبدئي للتعبير عن اهدافها وتطلعاتها في بناء مجتمع اسلامي كما نصت عليه أدبياتها ولوائحها الداخلية خدمة للعراق واهله … والله من وراء القصد

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *