أحدث_الأخبار

الصراع” و”الانقسام” يقودان القطاع الصحي في ليبيا نحو الانهيار

24 يونيو , 2016 - 10:16 ص

الوطن العربي

يواجه القطاع الصحي في ليبيا أزمات خانقة، جراء الحرب الأهلية، والانقسام السياسي المتواصل، في البلاد منذ أكثر من عام ونصف العام، ما ينذر بانهياره والتسبب بكارثة إنسانية خطيرة.

تعاني المستشفيات الليبية، من نقص حاد في الأطقم الطبية، والأدوية، والمستلزمات التشغيلية الأساسية، إضافة إلى أن عددا كبيرا من المرافق الصحية أغلقت أبوابها بشكل كامل، بعد تعرضها للاستهداف، أو لكونها تقع في مناطق تشهد معارك مسلحة بين أطراف الصراع الليبي.

ويقول سراج بالنور، الطبيب في مستشفي بنغازي الطبي، أكبر المراكز الصحية شرقي البلاد، إن “الأوضاع بالمستشفى خطيرة للغاية، ونقترب من الانهيار الكامل وانعدام تقديم الخدمات للمرضى”.

ويضيف “بالنور”، لـ”الأناضول”، “الأدوية والمستلزمات الطبية قاربت على النفاد، والأطباء والممرضون الأجانب عاد كثير منهم إلى بلاده بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة، كما أن الشركات الأجنبية العاملة في مجال صيانة الأجهزة الطبية غادرت المستشفى بسبب عدم دفع مستحقاتها المالية منذ عام”.

وتابع الطبيب الليبي، “افتتحنا مبانٍ جديدة في المستشفى لاستيعاب العدد الكبير من المرضى الذي يصل يوميا، ولكن لدينا الآن عجز كبير في الأسرة”.

وأشار، أن مستشفى مدينة بنغازي يستقبل 90% من مرضى المدينة وشرقي ليبيا، وإغلاقه يعني وقوع كارثة صحية.

وتدور في بنغازي (شرقي) ثاني أكبر المدن الليبية، معارك مسلحة منذ عام ونصف بين الجيش التابع لمجلس النواب المنعقد في طبرق (شرق)، وتنظيمات “أنصار الشريعة”، و”كتائب الثوار”، و”داعش”، الأمر الذي تسبب بإغلاق معظم مستشفيات المدينة.

ولا تقتصر الأزمة على المركز الطبي العام في بنغازي، فمستشفى الأمراض النفسية في المدينة، يواجه “أوضاعا مأساوية تتطلب تدخلا سريعا لإنقاذ المرضى وتوفير احتياجاتهم الطبية بشكل سريع”، بحسب الناطق باسم المستشفى، نبيل التاجوري.

وقال “التاجوري”، لمراسل “الأناضول”، “بعد خروجنا من مبنى المستشفى، بمنطقة الهواري، التي تشهد معارك عنيفة، نقلنا المرضى إلى مدرسة صغيرة، يتكدس فيها حاليا 200 مريض، يعيشون في أوضاع إنسانية قاسية”.

وتابع “إضافة إلى نقص المستلزمات الطبية والأدوية، فإن شركات خدمات التغذية والنقل والنظافة والإيواء العامة بالمستشفى تهدد بالتوقف عن العمل، بسبب عدم تلقيها مستحقاتها المالية البالغة، 2 مليون دينار ليبي (ما يقارب 1.5 مليون دولار) منذ عامين”.

مستشفى الأطفال في بنغازي، هو الآخر يعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية، ويحتاج لمساعدة عاجلة لإنقاذ الأطفال المرضى.
هدى كويري، مديرة مكتب الإعلام بالمستشفى، قالت “نحتاج لمساعدة سريعا لنجدة الأطفال الذين يموتون بسبب عدم وجود أدوية أو أجهزة طبية”.

وتابعت، “إدارة المستشفى عاجزة عن تحسين أوضاع الأطفال الصحية، وقد أجرينا العديد من الاتصالات بالمسؤولين الحكوميين بهذا الخصوص دون فائدة “.

من جانبه، أعلن وزير الصحة في الحكومة الليبية المؤقتة المنبثقة عن مجلس النواب، رضا العوكلي، في تصريحات مكتوبة وتلفزيونية سابقة، اطلعت عليها “الأناضول”، أن وزارته عاجزة عن توفير العلاج والخدمات للمواطنين.

وقال “العوكلي، إن “العاملين في قطاع الصحة بذلوا كل ما هو ممكن لاستجلاب الأدوية والمعدات الأساسية المطلوبة حسب اللوائح والقوانين المعمول بها”.

وحمل، المسؤولية للقائمين على النظام المالي للدولة بسبب “فشلهم” في توفير السيولة النقدية المحلية والأجنبية لشراء الدواء.

ولا تقتصر أزمة القطاع الصحي على شرقي ليبيا، فمستشفيات غربي البلاد تعاني من نقص كبير في الأدوية والمعدات الطبية، والمستلزمات التشغيلية.

وقال الطبيب في مركز طرابلس الطبي، داوود غازي، لـ”الأناضول”، إن “نسبة النقص في الأدوية التخصصية في مركز طرابلس الذي يعد الأكبر في العاصمة الليبية، تجاوزت الـ90%”.
وأشار “غازي”، أن بعض الأهالي يوفرون لذويهم المرضى، النواقص من الأدوية عن طريق شركات القطاع الخاص، ولكن الغالبية لا يستطيعون ذلك بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، التي يعيشها الليبيون منذ اندلاع الأزمة في البلاد.

إلى جانب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية في مستشفيات العاصمة طرابلس، فإن بعض الأطباء فضلوا ترك العمل بسبب تردي الوضع الأمني.

وقالت طبيبة ليبية من طرابلس، لـ”الأناضول”، (مفضلة عدم ذكر اسمها)، “كنت أعمل في مستشفي طرابلس المركزي الحكومي لكني تركت العمل منذ فترة، بسبب تردي الوضع الأمني “.

وأضافت، “جميع المستشفيات هنا في طرابلس خاضعة لسيطرة مليشيات تدعي أنها تؤمن المرافق الصحية لكنها تقوم بجرائم، فقد تعرض عدد من زميلاتي للخطف والقتل، إضافة إلى أن اشتباكات تقع في بعض الأحيان داخل المستشفى أو في محيطها بين الفصائل المسلحة، ما يعرض حياة الأطباء والمرضى للخطر، لذلك اكتفيت بالعمل في عيادة طبية خاصة بجانب منزلي”.

مستشفى مدينة مصراته غربي البلاد، يعاني أيضا من نقص في مستلزماته التشغيلية والأدوية، رغم أنه يستقبل منذ نحو شهر جرحى وقتلى العمليات العسكرية، التي أطلقتها قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني لتحرير مدينة سرت (وسط) من قبضة تنظيم (داعش).

وتسببب الصراع في ليبيا، إضافة إلى الأزمات التي تواجهها المستشفيات، بتدمير عدد من المرافق الصحية جزئيا أو كليا، بعد تعرضها للاستهداف بالقذائف والصواريخ.

ومن المرافق، التي أتت عليها معارك اندلعت عام 2014، بين قوات تابعة للمؤتمر الوطني الذي يحكم طرابلس، والجيش التابع لمجلس النواب المنعقد في طبرق، مخازن أدوية في العاصمة، تعرضت للاستهداف بالقذائف، ما أدى إلى تدميرها.

أما في بنغازي فقد دمرت الحرب، التي أطلقها الجيش الليبي التابع لمجلس النواب ضد تنظيم “أنصار الشريعة” في مايو/ أيار 2014، المستشفيات، ومنها مستشفى الجمهورية، ومستشفى الهواري العام، ومخازن الأدوية بالمدينة، إضافة إلى القذائف المدفعية، التي تساقطت بشكل متكرر خلال الشهر الماضي، على مركز بنغازي الطبي .

وتعاني ليبيا منذ نحو عام ونصف العام من انقسام سياسي، أفرز برلمانين، وحكومتين تدير الأولى المدن الشرقية والثانية تسيطر على غربي البلاد، ناهيك عن حكومة الوفاق الوطني التي انبثقت عن اتفاق مصالحة، تم توقيعه نهاية العام الماضي في مدينة الصخيرات المغربية، لكنها لم تتمكن من مزاولة مهامها بشكل كامل، بسب استمرار الخلافات بين الأطراف المتصارعة. –

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *