أحدث_الأخبار

إطلاق النار في مناسبات العراقيين .. رصاص العشيرة يقتل قانون الدولة

21 سبتمبر , 2016 - 8:33 ص

التقارير والاستطلاعات العراق

لا تخلو مناسبة في حياة العراقيين، من دون إطلاق النار، سواء كان احتفالاً بحادث سعيد، أو حزناً على فقدان حبيب، ويصل الأمر إلى استخدام أسلحة متوسطة أيضاً.
ظاهرة إطلاق النار من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في العراق، باتت تقليداً عشائرياً وشعبياً، لا يمكن الإستغناء عنه في جميع المناسبات، (الأفراح والأحزان)، رغم تسببه بمقتل العشرات سنوياً، ليغلب رصاص القبيلة على قنانون الدولة.
أحد أبرز التقاليد العشائرية، التي أخذت بالإتساع، في وسط وجنوبي العراق، هي ظاهرة (العراضة) المقترنة بإطلاق العيارات النارية، وتعّد العراضة أحد ألوان الشعر الشعبي، حيث تمارس من قبل العشائر تعبيراً عن تضامنها فيما بينها، بزيارة وفد عشائري لقبيلة أخرى لديها مناسبة حزينة أو سعيدة.
اللافت للنظر أن المسؤولين في الدولة العراقية هم أيضا لم يتجردوا من “التقاليد القبلية”، التي تتقاطع من قانون الدولة الذي شرعوه.
وشهدت محافظة النجف (جنوب)، الأسبوع الماضي، إطلاق نار كثيف استمر لساعات حزناً على وفاة والد أحد اعضاء مجلس المحافظة، لتأتي الواقعة كدليل على تجذر التقاليد والأعراف القبلية لدى الطبقة السياسية، فضلا عن العشيرة.
ورغم أن حادثة النجف، الأسبوع الماضي، خلفت نحو 20 جريحاً بينهم أطفال، بحسب شرطة المحافظة، ولاقت استياءً شعبياً، وعرضت حركة الطيران المدني للخطر، لقرب موقع إطلاق النار من مطار النجف الدولي، لكن أي شخص لم يتم توقيفه، ولم تصادر أي قطعة سلاح، واكتفت قيادة شرطة المحافظة بمطالبة رجال الدين بالتدخل لمنع الظاهرة.
أفراح العراقيين هي الأخرى اقترنت بإطلاق الأعيرة النارية، كمناسبات الزواج، العودة من الحج، الحصول على شهادة جامعية عليا، فوز المنتخب الوطني لكرة القدم، والحصول على رتبة عسكرية، وفي بعض الأحيان يقترن إطلاق النار باستقبال مولود جديد.
انتشار السلاح بشكل عشوائي، وضعف الأجهزة الأمنية في بعض المحافظات، أبرز الأسباب وراء اتساع الظاهرة، بحسب موفق الربيعي عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي.
وقال الربيعي لـ”الأناضول”، إن “هناك انتشاراً للسلاح، الخفيف والمتوسط، لدى العشائر، والأخيرة اصبحت قوية، مقابل ضعف الحكومة الاتحادية، إزاء ظاهرة السلاح وإطلاق الأعيرة النارية”، مشيراً إلى أن “توجه الحكومة الحالي ينصب على تحرير الموصل (شمال)، ولا يمكن فتح جبهة أخرى مع العشائر”.
أما اللجان الحكومة والبرلمانية، التي أوكل لها، على مدى السنوات الماضية، مهمة التصدي لظاهرة إطلاق الأعيرة النارية، فاستطاعت أن توقع على مواثيق مع زعماء القبائل بمنع أفراد قبائلهم من إطلاق النار، لكن تلك التوقيعات لم تحدٍ من الظاهرة بحسب محمد الصيهود عضو لجنة العشائر في البرلمان العراقي.
وأضاف الصيهود لـ”الأناضول”، أن “ظاهرة إطلاق النار سيئة جدا، وتسببت بقتل وجرح العشرات، اتفقنا مع العشائر على أن مطلق النار، تتبرأ العشيرة منه، لكن هذا الإجراء لا يحد من الظاهرة، سحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة الخيار الأسلم للحد من الظاهرة”.
ولا توجد أرقام رسمية حول حصيلة ضحايا إطلاق النار في المناسبات العراقية، غير أن سقوط قتلى ومصابين في مثل تلك المناسبات بات امراً عادياً ومتوقعاً.
وأوضح الصيهود “لابد من تشكيل قوة أمنية اتحادية، تتولى مهمة سحب الأسلحة من العشائر، هناك أسلحة تمتلكها العشائر تفوق أسلحة بعض وحدات الجيش والشرطة”.
وعلى مدى الأشهر الماضية، أصدرت بعض المحافظات الجنوبية، قرارات وتوصيات، تتضمن عقوبات مالية وقانونية ضد مطلقي النار، لكن تنفيذها يصطدم بـ”التأثيرات السياسية العشائرية”.
ويقول محمد شويع، عضو مجلس محافظة ميسان (جنوب)، لـ”الأناضول”، إن “قراراً سابقاً صدر من مجلس المحافظة تضمن فرض غرامة مالية قدرها 5 ملايين دينار عراقي ( نحو 4.2 ألف دولار) على كل من يطلق النار، الى جانب عقوبات بالحبس لعدة أشهر”.
وأضاف شويع أن “تطبيق القرارات من قبل الأجهزة الأمنية يصطدم بتدخل المسؤولين في المحافظة والعشائر لتسوية أي حادثة في هذا الإطار”.
وتابع المسؤول المحلي “المحافظة قدمت طلباً للحكومة الاتحادية لإرسال قوة أمنية خاصة من بغداد تتولى مهمة نزع سلاح العشائر الثقيل، ومن المقرر أن تصل القوة قريباً لتباشر مهامها”، من دون تحديد موعد بعينه.
ويجيز القانون العراقي احتفاظ كل أسرة بقطعة سلاح خفيفة، بعد تسجيلها لدى السلطات المعنية، غير أن العراقيين يحتفظون، بموجب الأعراف العشائرية، بالكثير من الأسلحة في منازلهم، وبعضها أسلحة ثقيلة مثل مدافع هاون، وقذائف مضادة للدروع. –

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *